طلوع الشمس من مغربها

طلوع الشمس من مغربها 

الشمس من مغربها

من علامات الساعة الكبرى: طلوع الشمس من مغربها ، بدلا من طلوعها كعادتها من المشرق ، فإذا رآها الناس: آمنوا كلهم أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا .

قال الله عز وجل :( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ) الأنعام/158.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد ببعض آيات الله : طلوع الشمس من مغربها ، وأن الناس إذا رأوها آمنوا ، فلم ينفعهم إيمانهم ، ويُغلق حينئذ بابُ التوبة " انتهى من " تفسير السعدي " (ص281) .
وروى البخاري (4635) ، ومسلم (157) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ ، آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ).
وفي رواية للبخاري (3646) : ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ ) .
فدل قوله : (فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ : آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ) وفي الرواية الأخرى : ( فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ : آمَنُوا أَجْمَعُونَ ) على أن كل من على الأرض من الناس يرونها وهي تطلع من مغربها ، فيؤمنون جميعا.
قال الحافظ رحمه الله :
" قَوْلُهُ (فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ) : وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّفْسِيرِ (فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا) أَيْ : عَلَى الْأَرْضِ مِنَ النَّاسِ " .
انتهى من " فتح الباري " (11/ 353) .
وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، أن من شروط التوبة :
" أن تكون في الزمن الذي تقبل فيه ، وذلك بأن تقع قبل الغرغرة ، قبل حضور الأجل، وهذا زمن خاص باعتبار كل أحد بنفسه .
وكذلك أيضاً تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وهذا زمن عام ، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم ، وتابوا ورجعوا لكن (لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) " انتهى من " الشرح الممتع " (5/ 204) .

وإذا كان الناس يرونها ، في جميع البلدان ، بلا استثناء ؛ فمن المحتمل أن الناس يرون في كل بلد ، بحسب مطلعهم ، ووقت شروقهم ، كما كانوا يرونها كل يوم ، وإن كانت قد خالفت بهم هذه المرة ، فخرجت من المغرب ، بدلا من أن تخرج من المشرق ؛ فيكون اختلال النظام إنما هو في جهة طلوعها وشروقها ، وليس في توقيتها المعتاد كل يوم .
وهذا هو الظاهر المتبادر .
ولا مانع ـ أن تظهر لأهل الأرض جميعا ، في وقت واحد ، وقد طلعت من مغربها ، بكيفية لا يعلمها إلا الله ، ويكون ذلك من جملة الآيات ، ومظاهر اختلال نظام الكون كله ؛ والله على كل شيء قدير .
روى أحمد (6881) عن عبد الله بن عمرو قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ ضُحًى، فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا ) ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ - وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ -: " وَأَظُنُّ أُولَاهَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا كُلَّمَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ، وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَأُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ، حَتَّى أراد الله أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَعَلَتْ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ: أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ، وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَذْهَبَ، وَعَرَفَتْ أَنَّهُ إِنْ أُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ، لَمْ تُدْرِكِ الْمَشْرِقَ، قَالَتْ: رَبِّ، مَا أَبْعَدَ الْمَشْرِقَ، مَنْ لِي بِالنَّاسِ؟ حَتَّى إِذَا صَارَ الْأُفُقُ كَأَنَّهُ طَوْقٌ، اسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَيُقَالُ لَهَا: مِنْ مَكَانِكِ فَاطْلُعِي، فَطَلَعَتْ عَلَى النَّاسِ مِنْ مَغْرِبِهَا "، ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللهِ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) " .
وصححه محققو المسند على شرط الشيخين.
والمؤمن يؤمن بما جاء في الكتاب والسنة ، ويترك كيفية حدوث ذلك إلى علم الله وقدرته، ويعلم أن الله على كل شيء قدير ، فينظر فيما جاء من الأخبار ، فيؤمن بها ، ويعمل بمقتضاها، ولا يشغل نفسه بما وراء ذلك من الكيفيات التي لا طائل تحتها .



ليس بخفي أنَّ الكون من معجزات الله العظام، والشمس جزء من هذا الإعجاز فهي تسير في مدارها الخاص وضمن نظام كامل الدقة لا تخرج منه، فهي بقدرة خالقها تطلع من الشرق يومياً، فإذا ما اقترب قيام الساعة ودنت نهاية الحياة أمرها الله جل وعلا أن تخرج من الغرب وعندها يُدرك الناس أن يوم القيامة حق، بَيْد أنه هنا لن ينفع الندم قال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)،[١][٢]فخروج الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى وعندها تبرز التغييرات في نظام الكون وتظهر أمور غير مألوفة،[٣]فعندما يأتي هذا التغيّر العظيم فستتغير الكثير من الأمور ومنها حركة الأرض، حيث سيتباطأ دورانها حول نفسها تدريجياً حتى تتوقف، ثم يبدأ دورانها ولكن بشكل عكسي، فعندها تطلع الشمس من الغرب بحيث يكون دوران الأرض حول نفسها بشكل بطيء، ثم تبدأ بالتسارع تدريجياً إلى أن تعود لسرعتها الطبيعية، وهذا ما يعتمد عليه بعض العلماء في قولهم بأن الحياة ستستمر بعد ظهور الدجال وقتله من قبل سيدنا عيسى عليه السلام، ومن الجدير بالذكر أن تباطؤ دوران الأرض حول نفسها سيؤدي بالضرورة إلى تباطؤ بالليل والنهار؛ حيث سيكونان أطول من المُعتاد بالتدريج أيضاً؛ لأن توقف الأرض عن الدوران بشكل مفاجئ سيكون سببا في دمارها ومن عليها.[٤] طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة لا شك أن طلوع الشمس من الغرب إحدى آيات الله العظيمة التي سيراها كل من سيكون في زمانها، ويدرك وعد الله الحق، وعند ذلك لن يقبل الخالق إيمان من لم يكن مؤمنا، ولا توبة من كان له من العُصاة، وسيظهر من الأهوال ما يلوي الأعناق؛ فإن بأس الله شديد، وسنّته مُحققة قال جل وعلا: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ)،[٥][٦]فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (ولا تزالُ التَّوبةُ مقبولةً حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ منَ المغرِبِ ، فإذا طلعَت طُبِعَ على كلِّ قَلبٍ بما فيهِ ، وَكُفيَ النَّاسُ العَملَ)[٧]فطلوع الشمس من مغربها هي أولى العلامات التي يتبعها تغيّير بأحوال العالم العلوي ويصل بذلك إلى قيام الساعة.[٨]

والله أعلم



تعليقات

المشاركات الشائعة